لا بد أن ينظر قضاة الشرع في المعاملات المستحدثة بعلم وحكمة

(إن قضاة الشرع) متى سكتوا عن الحكم في هذه القضايا (المستحدثة) أو أعرضوا عنها، بدعوى التورّع منها أو حكموا فيها بالتحريم بدون دليل وقد راج بين الناس إباحتها، فحينئذ يظن قضاة النظم والقوانين أنه من قصور فقه الإسلام عن حل مثل هذه المشاكل العظام فيسيئون الظن بالإسلام وبالقضاة الشرعيين، ويظنون أنهم إنما يحكمون بمجرّد آرائهم، ومن المعلوم أنهم إذا لم ينظروا في مثل هذه القضايا بعلم وحكمة، فإنه لابد أن ينصرف إلى غيرهم. ولهذا قيل: إن محاسن الإسلام تختفي بين الجامد والجاحد. وقد قالوا: إنها إنما دخلت القوانين في بلدان المسلمين، كله من أجل القضاة الضعيفة مداركهم والضيقة أعطانهم والمتحجرة أفهامهم، فكانوا يعاملون الناس بالتعليل والتمليل في أقضيتهم وأحكامهم، فسئم الناس من سوء معاملتهم لهم ولجؤوا إلى القوانين لظنهم أنها تقوم بحل مشاكلهم، فكانوا كالمستجيرين من الرمضاء بالنار. ولهذا كان عمر بن الخطاب يقول: اللهم إني أشكو إليك من جلد الفاجر وعجز الثقة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام عقود التأمين ومكانها من شريعة الدين " / لكلّ حادثٍ حَديث || المجلد (4)