الحد كفارة عن الفاعل وزجر لغيره

وقد شرع الله على لسان نبيه إقامة الحد بالجلد كفارة عنها، وليكون بمثابة الزجر عن ارتكاب هذه الجريمة الأثيمة؛ لأن دين الإسلام قائم على محاربة الجرائم على اختلاف أنواعها وتقليلها وتطهير المجتمع منها، فشرع الله القصاص صيانة للدماء، وشرع الله حد الزنا صيانة للأنساب والأعراض، وشرع قطع يد السارق صيانة للأموال، بحيث يستتب الأمن ويقل العدوان، وشرع حد الخمر صيانة للعقول والأرواح والأجسام والمجتمع، وأنزل الله ﴿وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ [النور: 2]. وقال في حد الزنا: ﴿وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٢﴾ [النور: 2]. ولا تقوم النكاية بالسجن أو تطويله ولا الغرامة بالمال مقام الحد بالجلد، لكون الجلد تكفيرًا للجريمة وزجرًا له عن معاودة فعلها، وردعًا للناس؛ لأن السجن يتعدى ضرره إلى أهله وعياله الذين لا جريمة لهم، بخلاف الحد بالجلد، فإنه مقصور على الفاعل نفسه، ولأن من لا يكرم نفسه لا يكرم، ومن يهن الله فما له من مكرم، و «حد يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا»، كما يفيده إقامة الحد من إصلاح المجتمع وتقليل المفاسد فيه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - المسكرات والخمور وما يترتب عليها من الأضرار والشرور / " حد شارب الخمر " - المجلد (3)