من استبان له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائنًا من كان
هنا أمر ينبغي أن يفطن له، وهو أن الصحابة كلّهم والتابعين وأئمة المذاهب والعلماء المتقدمين والمتأخرين، فكل هؤلاء ليسوا بمعصومين، فقد يقع الخطأ من بعضهم في قول مرجوح قاله، أو رأي انتحله على سبيل الاجتهاد الخطأ، وله على خطئه أجر. لكن لا يكون المنتصر لخطئه أو المقلد له في رأيه بمثابته في حصول الأجر، وحتى الوزر، بل فرضه الاجتهاد والنظر والبحث والتفتيش عن الحق في مظانّه حتى يقف على عينه، فيأخذ به ويحكم بموجبه، لأنه لو اغتفر التقليد في حق العوام فلن يغتفر في حق العلماء الأعلام، الذين أوقفوا نفوسهم في الاشتغال بالعلم بكتاب ربهم وسنة نبيهم، لكون العلم هو معرفة الحق بدليله مع بيان صحيحه من عليله، فمن علم بشيء منه فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فما عالم بدينه كمقلده.
وقد اتفق جميع علماء الإسلام وأرباب الحل والعقد للأحكام على أن من استبان له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائنًا من كان.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي || المجلد (2)