علة تأخير رمي الجمار إلى الزوال

ذكر بعض العلماء علة تأخيرها (الجمار) إلى الزوال، وأنه إنما أخرها إلى ما بعد الزوال لقصد أن يصلي بالناس الظهر بمسجد الخَيْف من منى، فيخرج للصلاة وللرمي خروجًا واحدًا كما فعل، فإنه لما فرغ من رمي الجمار انصرف إلى المسجد فصلى بالناس فيه، وذكرهم أحكام حجهم، وقد قلت في الرسالة: إنه لو كان ما قبل الزوال وقت نهي غير قابل للرمي لبينه النبي ﷺ بنص جلي قطعي الرواية والدلالة، وارد مورد التكليف العام، إذ لا يجوز في الشرع تأخير بيان مثل هذا عن وقت حاجته، وقلت أيضًا: إنه لو كان التقدير بهذا الزمن القصير شرطًا لَسقط للعجز عنه، أو لجاز تقديمه محافظة على أصل فعله؛ لأن القول بلزومه يستلزم الحكم بسقوطه في خاصة هذه الأزمان مع شدة الزحام، بحيث إنه صار في حق أكثر الناس من تكليف ما لا يستطاع، ولا يقول بلزومه على الجمع الكثير في خاصة هذا الوقت القصير إلا من يحاول حطمة الناس وعدم رحمتهم، فهو يحكم على كل فرد بأن يزاول وصوله حتى ولو مات دونه؛ لأن هذا من لوازم قوله، إذ من المعلوم عند كل أحد أنه من الأمر الصعب مزاولة وصولها وتحقق وقوع الجمار فيها، وصار أكثر الناس يقع رميهم خارجًا عن الأحواض بعيدًا عنها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرسالة الموجهة إلى علماء الرياض / إلى حضرة علماء الرياض الكرام، حفظهم الله بالإسلام - المجلد (2)