القول بإخراج الهدي الواجب عن محله بمكة من الخطإ الواضح

فالقول بإخراج الهدي الواجب كهدي المتعة والقِران عن محله بمكة إلى البلدان البعيدة لإنقاذ أهلها من الجوع - من الخطأ الواضح الذي لا مبرّر له إلا التقليد. وإن الناس بمكة وبمنى وقت الحج أكثر من أن يُحصوا، وكلهم في حاجة إلى اللحم، وقد لا يستطيع أكثرهم الحصول عليه من أجل شدة الزحام الذي يزداد عامًا بعد عام لعوامل لم تكن معروفة في السنين السابقة، منها، فتح مشارق الأرض ومغاربها بالآلات الحديثة من الطائرات والسيارات والسفن وسائر الوسائل التي قضت بقصر المسافة وتسهيل السفر، حتى صارت الدنيا كلها كمدينة واحدة وكأن عواصمها بيوت متقاربة، وقد أشارت المعجزة إلى الإخبار بهذا الشيء قبل وقوعه كما روى ابن أبي الدنيا عن مكحول مرسلاً أن رجلاً قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن لها أشراط وتقارب أسواق»، وفي البخاري: «من أشراطها تقارب الزمان» وليس من الممكن أن يفسر تقارب الأسواق بانضمام الأرض بعضها إلى بعض، ولكن بالآلات البرية والبَحرية والهوائية وسائر الوسائل الناقلة للذوات والأصوات، والتي كان الناس قبلها يُقاسون الشدائد في الأسفار، يسيرون مدة طويلة من الزمان ولا يبلغون منتهـى قصدهم من هذه الدار، أضف إليه ما يعرض لهم من المهالك والأخطار، وما يُلاقونه من المخاوف والأوجال.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / الحكم في لحوم الهدايا التي تذبح بمنى في موسم الحج -المجلد (2)