فتنة المهدي من فتن الحياة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها
ثاني عشر: هو أن النبي ﷺ جاء بجلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد والمضار وتقليلها، وأن التصديق بالمهدي والدعوة إلى الإيمان به يترتب عليه فنون من المضار والمفاسد الكبار، والفتن المتواصلة التي تكون الآخرة منها شر من الأولى، مما ينزه الرسول عن الإتيان بمثلها، فهي من فتنة الحياة التي كان رسول الله ﷺ يستعيذ منها في أدبار الصلوات، وقد لازم الناس الخوف والوجل من الابتلاء بفتنة المدعي أنه المهدي وبشيعته وأعوانه من الشباب الطائش الذين هم الغوغاء والهمج السذج أتباع كل ناعق، ويميلون مع كل صايح، والغوغاء هم عون الظالم ويد الغاشم في كل زمان ومكان، فيترتب على التصديق به فتنة في الأرض وفساد كبير، وما يقع في قلوب الناس من اعتقاده هو أكبر وأنكر، فإن الفتنة أشد من القتل فلا يلام ولا يأثم من أنكره إذ الأصل عدم صحته.
فإن الله سبحانه في كتابه وعلى لسان نبيه لا يوجب الإيمان برجل مجهول في عالم الغيب، وهو من بني آدم، ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه مما يجب الإيمان به، ثم يترك الناس يتقاتلون على التصديق والتكذيب به، فإن هذا مما ينافي شريعته التي جعلها الله رحمة لعباده ﴿عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨﴾[التوبة:128].
فوجود هذا أضر على الناس من عدمه، مع أنه من المحال بأن يكون على صفة ما ذكروا..
أما اعتقاد بطلانه، وعدم التصديق به فإنه يعطي القلوب الراحة والفرح والأمان والاطمئنان، والسلامة من الزعازع والافتنان ﴿وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيًۡٔاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٤١﴾ [المائدة: 41].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / مقام المسلم من المهدي ومقام المهدي منه - المجلد 1