التحلل الأول والتحلل الثاني

فلا أدري ما الذي جعلهم (جعل العلماء) يتشددون في عدم جواز رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق، وهو عمل يقع بعد التحلل الأول، وفيه حديث: «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» رواه الإمام أحمد، وأبو داود من حديث عائشة. وإذا طاف طواف الإفاضة فقد تحلل التحلل الثاني، بحيث يباح له كل ما يفعله من سائر المباحات، من الطيب والجماع وغير ذلك، ولو مات لحكم بتمام حجه. قاله في الإقناع. وقال أيضًا: إنه لو أخر رمي الجمار كلها حتى جمرة العقبة يوم العيد، ثم رماها كلها في اليوم الثالث أجزأه ذلك أداءً لاعتبار أن أيام منى كالوقت الواحد، وهذا ظاهر مذهب الحنابلة والشافعية، لكونه قد وقع التسهيل والتيسير من النبي ﷺ في بقية واجبات الحج التي تفعل يوم العيد وأيام التشريق، حيث إنه لم يسأل عن شيء من التقديم والتأخير إلا قال: «افعل ولا حرج» وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع. من ذلك أن العباس استأذن النبي ﷺ أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقاية الحاج، فأذن له في ذلك، ولم يأمره باستنابة من يرمي بدله، كما أنه رخص لرعاة الإبل في البيتوتة بعيدًا عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، وبعد الغد، ليوم النفر، وقِسْ عليه كل من يخاف على نفسه وماله. والله أعلم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / جواز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال - المجلد (2)