حكم المبيت بمزدلفة

والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل واجب في ظاهر مذهب الحنابلة والشافعية، وقال الإمام مالك: إن نزل بها ثم دفع فلا شيء عليه، وإن لم ينزل بها فعليه دم، وقال في الإفصاح: أجمعوا على أنه يجب البيتوتة بمزدلفة جزءًا من الليل في الجملة، إلا مالكًا، فإنه قال: هو سنة مؤكدة. وقال الشافعي في أحد قوليه: إنه ليس بواجب. قال: واختلفوا فيمن ترك المبيت بمزدلفة جزءًا من الليل، هل يجب عليه دم أم لا؟ فقال أبو حنيفة: لا شيء عليه في تركها، مع كونها واجبة عنده. وقال مالك: يجب في تركها دم، مع كونها سنة عنده. وقال الشافعي في أظهر قوليه، وأحمد: يجب في تركها الدم، مع كونها واجبة عندهما. فهذه الأقوال مع اختلافها خرجت من هؤلاء الأئمة مخرج الاجتهاد منهم، لكونهم لم يجدوا عن رسول الله ﷺ نصًّا صحيحًا صريحًا في تحديد الواجب من المبيت، وهل هو الليل كله أو نصفه أو جزء منه؟ فاجتهد كل واحد منهم في القول فيه على حسب الحالة والحاجة في زمنهم، من قلة الحاجّ وسعة المكان والطرق والقدرة على تصرف الإنسان بما يريد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / الحكم في نزول مزدلفة والدفع منها - المجلد (2)