القرآن هو المعجزة العظمى

القرآن النازل على محمد عليه الصلاة والسلام والذي هو الحجة البالغة العظمى على خلقه، فهو معجزة الدهور، وآية العصور، وسفر السعادة ودستور العدالة، وقانون الفضيلة الواقي عن الرذيلة، مأدبة الله في أرضه، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ١ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَ‍َٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ٢﴾ [الجن: 1-2]. فيه خبر الأمم السابقة مع أنبيائهم وما جرى منهم وما جرى عليهم: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَكۡثَرَ ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ٧٦ وَإِنَّهُۥ لَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ٧٧﴾ [النمل: 76-77]. فيا لها من آيات حق لو اهتدى بهن مريد الحق كن هواديا ولكن على تلك القلوب أكنة فليست وإن أصغت تجيب المناديا وهذا القرآن المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، منها السور الطوال والقصار مع ما اشتمل عليه من البلاغة، أنزله الله على هذا النبي العربي الأمي الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوبات، كما قيل: كفاك بالأمي معجزة، يقول الله تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ ٤٨ بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِ‍َٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٩﴾ [العنكبوت: 48-49]. وقد تحدى الله جميع الخلق على أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا: ﴿قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا ٨٨﴾ [الإسراء: 88]. وهذا التحدي لجميع الخلق هو أعظم معجزة لنبوة محمد ﷺ وصدق رسالته والقرآن النازل عليه. يقول الله تعالى: ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ ٤٤ لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ ٤٥ ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ ٤٦﴾ [الحاقة: 44-46]. لا يقال: إن هذا القرآن فاض على نفس محمد بدون أن يتكلم الله به وبدون أن ينزل به جبريل عليه، فإن هذا صريح في التكذيب به، وهي مقالة المكذب العنيد القائل: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ ٢٥﴾ [المدثر: 25]. ﴿وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٥ قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦﴾ [الفرقان: 5-6]. ﴿قُلۡ نَزَّلَهُۥ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ﴾ [النحل: 102]. وللنبي ﷺ معجزات غيره، كنبع الماء من بين أصابعه، وتكثير الطعام القليل، وغير ذلك. والمعجزة العظمى هي القرآن الكريم، فهو معجزة الدهور وآيات العصور.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - وجوب الإيمان بكل ما أخبر به القرآن من معجزات الأنبياء عليهم السلام / [ أمثلة من معجزات الأنبياء عليهم السلام ] - المجلد 1