التوجه إلى منى وعرفات وخطبة حجة الوداع

وفي اليوم الثامن أحرم الذين حلوا بالحج، وتوجهوا إلى منى، فنزلوا بها، وفي اليوم التاسع توجهوا إلى عرفات، وصلى بهم رسول الله ﷺ الظهر والعصر قصرًا وجمعًا حتى أهل مكة. فكانوا يقصرون معه الصلاة بنمرة ومزدلفة ومنى، وبعد الصلاة توجهوا إلى عرفات، وخطب بهم رسول الله ﷺ الخطبة العظيمة. وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعًا في بني سعد قتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد الـمطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فرفع رسول الله ﷺ أصبعه إلى السماء. وقال: «اللهم اشهد»». وفي رواية قال: «لعلكم لا تلقوني بعد عامي هذا، ألا فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» فسميت حجة الوداع، من أجل أنه ودع الناس فيها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (45) فقه أحكام منسك حَجّ بَيت الله الحرام | أعمال اليوم الثامن والتاسع - المجلد (7)