المعجزات براهين على صدق الرسل

والمعجزة، إنما كانت آية ومعجزة لوقوعها من فعل الله ليس للنبي ولا لغيره تصرف في صنعها أو كسبها. والحكمة في ذلك: أن مجرد قول الرسول لأمته: إن الله أرسلني إليكم. بدون أن يأتي بآية تصدق ما يقول فإن ذلك مما يقتضي عدم تصديقه ولا الإيمان به، لكنه متى أتى بآية ومعجزة ليست من صنعه ولا من كسبه ولا من الشيء المعتاد لغيره ويمتنع أن يأتي من يعارضه بمثلها دل هذا على صدقه وصحة نبوته. وسميت معجزة لكون الناس يعجزون عن معارضتها والإتيان بمثلها. وآيات الأنبياء هي علامات وبراهين من الله تتضمن إعلام الله لعباده بصدق رسله وما جاؤوا به من الحق. وقد سماه الله تعالى برهانًا في قوله: ﴿فَذَٰنِكَ بُرۡهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ﴾ [القصص: 32]. يعني العصا واليد. ومن المعجزات إخبار القرآن النازل على محمد عليه الصلاة والسلام بقصص الأنبياء مع أممهم، وبمعجزاتهم وخوارق العادات التي أيدهم الله بها، وتكرار القرآن لأخبارهم تارة بطريق البسط وتارة بطريق الاختصار غير المخل. ولأن اليهود والنصارى قد بدلوا الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل وغيروها وأدخلوا فيها الشيء الكثير من الكذب على الله وعلى أنبيائه ورسله، يقول الله تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ ٧٩﴾ [البقرة: 79]. وكانوا يجيزون لعلمائهم القسيسين بأن يغيروا من شريعة الرب ما يشاؤون ويشتهون، لأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله تعالى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - وجوب الإيمان بكل ما أخبر به القرآن من معجزات الأنبياء عليهم السلام / [ الناس تجاه المعجزة قسمان: الماديون الطبيعيون والمؤمنون ] - المجلد 1