الأمور العدمية لا يتحدث بها الناس، لذلك لم يتحدثوا بنقل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام

وحفظوا (يعني الصحابة رضوان الله عليه) تكسيره للأصنام حتى الحمامة من العيدان، وحفظوا إتيانه بيت أم هانئ وصلاته عندها وذلك ضحى، وشكواها أخاها حيث أراد قتل رجلين من أحمائها قد أجارتهما وقول النبي ﷺ لها: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ». وحفظوا إتيان أبي بكر بأبيه أبي قحافة ورأسه كالثغامة بياضًا، وقول النبي ﷺ: «غَيِّرُوهُ بِشَيْءٍ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَاد». إلى غير ذلك من تصرفاته، ولم يقع في شيء من الصحاح ولا السنن ولا الـمسانيد ولا السير الـمعتبرة كسيرة ابن إسحاق و ابن هشام و الواقدي وغيرها أن رسول الله نقل الـمقام عام الفتح مع العلم أنه في الـمسجد الحرام، ولو وقع منه في تلك الحال لنقل نقلاً متواترًا ترتفع به الجهالة والإشكال لكونه من الشيء الذي لا يستهان بذكره، فعدم نقلهم له يدل على عدم تحويله لكون الأمور العدمية لا يتحدث بها الناس وإنما يتحدثون بالأمور الوجودية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثامن - المجلد (5)