عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن قريش ودخولهم في الإسلام طائعين مختارين

ثم إن رسول الله ﷺ جمع قريشًا، فقال لهم: «ما تظنون أني فاعل بكم؟». فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين. فقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وسموا الطلقاء من يومئذ، وهم مسلمة الفتح، ولم يقتل منهم سوى أفراد يعرف أن بقاءهم يفسد بقيتهم، منهم عقبة بن أبي معيط الذي وضع سلى الجزور على رأس رسول الله وهو ساجد، ومنهم النضر بن الحارث الذي كان يهجو رسول الله بشعره، ولما أعلن لهم بالعفو الشامل قام أبو سفيان بن حرب فأنشد أبياتًا منها: لعمرك إني حين أحمل راية لتغلب خيلُ اللاتِ خيلَ محمدِ لكالمدلج الحيران أظلم ليلُهُ فهذا أواني حين أُهْدَى فأهتدي هداني هادٍ غير نفسـي ودلني على الله مَن طرّدتُه كل مطردِ فضرب رسول الله ﷺ صدره وقال له: «أنت طردتني كل مطرد». ثم إن رسول الله ﷺ ترك أهل مكة على حالتهم وعلاَّتهم ولم يثبت التاريخ أنه سأل واحدًا منهم عن إسلامه، بل تركهم حتى دخلوا في الإسلام باختيارهم ورغبتهم وصدق عليهم قوله سبحانه: ﴿۞عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجۡعَلَ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ عَادَيۡتُم مِّنۡهُم مَّوَدَّةٗۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٞۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٧﴾ [الممتحنة: 7].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "الفتح الأكبر الذي أعز الله به الإسلام ونصر وأذل به الباطل وكسر" - المجلد (3)