تلكؤ الصحابة وعدم فهمهم لمرامي صلح الحديبية

بعدما تم عقد الصلح أمر رسول الله أصحابه بأن يحلوا من إحرامهم وينحروا هديهم فتلكؤوا ووقع الاضطراب بينهم عندما رأوا أبا جندل مردودًا إلى الكفر، قالوا: يا رسول الله، كيف من جاءنا مسلمًا نرده إليهم ومن جاءهم مرتدًا منا لا يردونه إلينا؟ فقال رسول الله: «إن من جاءنا مسلمًا فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا، ومن جاءهم مرتدًّا منا فأبعده الله». ثم جاء عمر إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قال: أوليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فلم نعطي الدنية في ديننا! فقال: إنه رسول الله فاستمسك بغرزه. ثم جاء إلى رسول الله فقال له مثل ذاك وقال: ألم تقل لنا إنكم ستأتون البيت وتطوفون به فلماذا نرجع عنه؟ فقال: «هل قلت لكم: هذه السنة؟». قال: لا. قال: «فإنكم ستأتونه وتطوفون به». وكان رسول الله قد رأى في منامه أنهم يدخلون البيت ويطوفون به فأخبر أصحابه بذلك فظنوا أن هذا أمر واقع لهذه السفرة وهذا في قوله: ﴿لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا ٢٧﴾ [الفتح: 27].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "الفتح الأكبر الذي أعز الله به الإسلام ونصر وأذل به الباطل وكسر" - المجلد (3)