بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما لاقى من الأذى
إن الله سبحانه بعث نبيه محمدًا ﷺ على حين فترة من الرسل وقد استحكمت في الناس الضلالة وخيمت عليهم الجهالة، وسادت بينهم عبادة الأصنام والأوثان والقبور، فأنقذهم الله ببعثته وبركة رسالته، فجاهد في الله حق جهاده، فجاء بدين كامل، وشرع شامل، يهذب أخلاقهم، ويطهر عقائدهم، ويزيل كفرهم وشقاقهم، ويهديهم للتي هي أقوم، وابتدأ نزول الوحي عليه وهو ابن أربعين سنة من عمره، ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو بين القبائل في المواسم ويقول: «من يؤويني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي؟». فيلقى من قومه أشد الأذى، ويعذبون كل من آمن به، غير أن أبناء قبيلته وخاصة عمه أبا طالب يحمونه ويذبون عنه العدوان، وقد دخلوا معه في الشعب حين تمالأت قريش على مقاطعتهم حتى يسلموا لهم محمدًا، وكتبوا بذلك صحيفة القطيعة والمقاطعة، وعلقوها على الكعبة، وفيها يقول أبو طالب في قصيدته الشهيرة:
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلاً
عقوبة شر عاجلاً غير آجلِ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "هجـرة رسـول اللـه ﷺ بنفسـه الكريمـة" - المجلد (3)