مما يشرع له القتال

(قتال المشركين) وإن ظنه بعضهم هجومًا لكنه حقيقة في الدفاع لشرهم، وقتال الدفاع لا يشترط أن يعلن به في كل حركة ولا في كل معركة؛ إذ العدو يترقب الفرصة لمواثبة عدوه، ﴿إِن يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ ٢ لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡ﴾ [الممتحنة: 2-3]. فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡ﴾ [التوبة: 5]. وهذه الآيات هي معنى قول النبي ﷺ: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها». رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر. ويريد بهذا الأمر عرب الجزيرة، بحيث لا يبقى فيها إلا دين الإسلام. بخلاف اليهود والنصارى والمجوس والصابئة، فإنهم لا يُطالبون بمدلول الحديث من الإقرار بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وإنما يُكتفى منهم بالجزية فقط، ثم يقرون على دينهم الباطل. وألحق بعض العلماء بهم المشركين في غير جزيرة العرب، فإنه يُكتفى منهم بأخذ الجزية، كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ويدل له حديث بريدة في صحيح مسلم حيث قال: «فإن لم يقبلوا فاسألهم الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم». وسيأتي بتمامه في موضعه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - رسالة " الجهاد المشروع في الإسلام" - المجلد (3)