وقائع إحرامه صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع
الأمر الثابت عن رسول الله ﷺ أنه تجرّد لإحرامه واغتسل وتطيب ثم أحرم ولبى قارنًا، وكذا أمر عائشة، حين حاضت (بسَرِف) بأن تدخل عمرتها على الحج حتى تصير قارنة، وأن تفعل ما يفعل الناس غير ألا تطوف بالبيت حتى تطهر، وقال لها: «إن طوافك بالبيت وسعيك بين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك». وطاف رسول الله طواف القدوم وطاف الناس معه، ثم صلى ركعتي الطواف بالمقام، ثم خرج إلى الصفا فسعى بين الصفا والمروة سبعًا، وعند انتهائه قال لأصحابه عند المروة: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة» حتى قال سراقة بن مالك بن خثعم: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: «لا بل لأبد الأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة». فحل الناس كلهم وقصروا إلا رسول الله ﷺ ومن كان معه هدي، حتى قال رجل: يا رسول الله، الحل ماذا؟ فقال: «الحل كله» فحلوا من إحرامهم ولبسوا ثيابهم ودارت المجامر بينهم، وأوجب الله عليهم عن هذا الترفه والتمتع ذبح هدي لقول الله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.[البقرة: 196].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / صفة حج النبي ﷺ - المجلد (2)