صحة تحويل عمر للمقام ابتداء من غير سبق
وفي هذا الخبر (يعني أمر عمر رضي الله عنه عبد الله بن السائب العابدي، بتحويل الـمقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم) دليل على صحة تحويل عمر للمقام ابتداء من غير سبق، لوجوه منها قوله: أمر عمر بتحويل الـمقام إلى موضعه الذي هو به اليوم، فلو كان مسبوقًا بتحويل من النبي ﷺ لما نسي ذكره في هذه القضية، ولقال أمر برده إلى الـمكان الذي وضعه فيه رسول الله ﷺ، أو على الأقل لقال أمر برده إلى مكانه إذ يبعد أن ينسى ذكر رسول الله ﷺ في هذا التحويل لو وقع منه، فعدم ذكر رسول الله ﷺ في هذه القضية يدل على عدم تحويله له، وأن هذا التحويل الواقع من عمر لم يسبق إليه أحد قبله، ومنها قوله: فحوله، ولو كان هذا التحويل مجرد رده إلى الـمكان الذي ذهب به السيل منه لقيده به حيث لا يتم الكلام بدون ذكره ومنها قوله: فكنت أول من صلى خلف الـمقام حين حوله إلى موضعه هذا، فهذه الصلاة تدل على أنها أول صلاة وقعت من إمام عند الـمقام بعد ما حول إلى ذلك الـمكان؛ لأن هذا هو حقيقة ما يتبادر إلى الأذهان وما يسبق إليه فهم كل إنسان ولو كان القصد من هذه الصلاة أنها بعد رده إلى الـمكان الذي ذهب به السيل منه لقيده به، حيث لا يتم الكلام بدونه ولا يفيد فائدة يحسن السكوت عليها إلا بذكره.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثالث عشر - المجلد (5)