أوجه ضعف الخبر بنقل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقام

وهذا الخبر (يعني خبر نقل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام) يعلم ضعفه من وجوه: الأول: أنه روي عن موسى بن عقبة، والروايات الصحيحة الصريحة عن عائشة وعروة وعن مالك ومجاهد وعطاء وسفيان بن عيينة وابن سعد ترد هذا القول. والثاني: أن مدار هذا الخبر على نقل ابن كثير في البداية وقد ضعفه في التفسير وقرر أن النقل إنما وقع من عمر. الثالث: أنه ليس فيه إسناد متصل بالسماع إلى أحد من الصحابة فضلاً عن رسول الله ﷺ. والرابع: أن هذا التحويل بتقدير وقوعه في الـمسجد الحرام عام الفتح فإنه مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله ويجب على الكافة علمهم به، ومعلوم أنه لم ينقل عن أحد من أصحاب رسول الله ﷺ القول به. الخامس: أنه لو وقع من فعله ﷺ لتقدمه شيء من القول في سبيل تمهيده وتوطين الناس له مما يجب أن يحفظ عنه ويعلم به كل الصحابة أو أكثرهم، وبالخصوص أهل مكة، ذلك بأنه ليس كل ما كان قطعيًّا عند شخص يجب أن يكون قطعيًّا عند غيره، وليس كل ما ادعت طائفة أنه صحيح عندها يجب أن يكون صحيحًا في نفس الأمر والواقع، فهذه الوجوه من تدبرها وكان عارفًا بالأدلة القطعية يجزم قطعًا بأن النبي ﷺ لم يقع منه تحويل للمقام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل التاسع - المجلد 5