تحويل المقام لو وقع من النبي ﷺ لوجب على كافة الصحابة علمهم به

وهذا التحويل (يعني تحويل المقام عن مكانه) لو وقع من النبي ﷺ لوجب على كافة الصحابة علمهم به؛ لأنه من الشيء الذي يهتم بذكره وتتوفر الهمم والدواعي على نقله، ولم تكن في العادة ولا في الشرع ترك مثله حتى لو انفرد بالقول به واحد منهم لشككنا في صحته، ولو كان صحيحًا عن موسى بن عقبة لم تقم به حجة لكونه شاذًّا خلاف ما رواه الثقات الأثبات وخلاف ما يجب على الكافة علمهم به، فدعواه بأن النبي ﷺ بادر بنقله والناس مشتغلون عنه بالقتل والقتال، فهذا وأمثاله من أبطل الباطل وأمحل الـمحال، فإن أصحاب رسول الله لم يشتغلوا عن متابعته ولا مراقبته بأهل ولا مال ولا قتل ولا قتال، وأمر الفتح هو من الشيء الـمشهور الذي أشرقت شمس معرفته على جميع الناس حتى عرفه منهم العام والخاص، فكل عالـم ومتعلم ومجالس، حتى الغلمان في الـمدارس يعرفون بأنه لم يقع بين رسول الله ﷺ وبين قريش قتل ولا قتال، وإنما دخلها في حالة أمن واطمئنان وفرح وابتهاج ودخول الناس في الدين أفواجًا أفواجًا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل الثامن - المجلد 5