سبب نهي النبي ﷺ عن دخول مساكن الـمعذبين إلا أن يكونوا باكين
أما نهي النبي ﷺ عن دخول مساكن الـمعذبين إلا أن يكونوا باكين، فإن له سببًا؛ وذلك أن الله سبحانه قد أوجب على الـمؤمنين إذا كانوا مع رسول الله في أمر جامع بألاّ يذهبوا حتى يستأذنوه، وهؤلاء لمّا نزلوا الحجر نفروا إلى النظر في مساكن الـمعذبين بدون استئذان وبصورة استعجال، نظيره قوله: ﴿وَإِذَا رَأَوۡاْ تِجَٰرَةً أَوۡ لَهۡوًا ٱنفَضُّوٓاْ إِلَيۡهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِمٗا﴾ [الجمعة: 11]. وليس كلهم انفضوا وكأن رسول الله ﷺ قد أحس منهم شيئًا من عزوب الخشوع والخشية في ذلك الـمقام وهي أول بلد من بلدان الـمعذبين، طرقها رسول الله وأصحابه، ولهذا أمرهم بالاجتماع فوعظهم وقال لهم هذا الكلام، كما روى الإمام أحمد عن أبي كبشة الأنماري عن أبيه، قال: لمّا كان غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فنودي في الناس: الصلاة جامعة. قال: فأتيت رسول الله وهو ممسك بعيره وهو يقول: «مَا تَدْخُلُونَ عَلَى قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ؟!»، فناداه رجل فقال: نعجب منهم. فقال: «أَفَلاَ أُنْبِئْكُمْ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ؟ رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يُنْبِئُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَعْبَأُ بِعَذَابِكُمْ شَيْئًا».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حجر ثمود ليس حجرًا محجورًا " / المشكِلة الثانيَة: نهى النبي ﷺ عن دخول مساكن المعذبين إلا أن يكونوا باكين - المجلد 5