الأرواح بعد موتها باقية
إن الأرواح بعد مفارقتها للأجسام لا يشملها الفناء، بل تبقى منعمة أو معذبة، فقد ثبت ذلك في القرآن الحكيم، حاكيًا عن آل فرعون، وأنهم يعرضون على النار غدوًّا وعشيًّا ﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ ٤٦﴾ [المؤمن: 46].
وقال سبحانه في حق الشهداء: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١٧٠﴾ [آل عمران: 196-197]. وهذه حياة أرواح برزخية لا يعلم كيفيتها إلا الله تعالى. وأخبر النبي ﷺ: أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها. وثب ت لأرواح المؤمنين الصالحين مثل ذلك، فالأرواح بعد موتها باقية: إما أن تنعم، أو تعذب.
ومثله اجتماع النبي ﷺ ليلة الإسراء بالأنبياء في منازلهم من السماء، وصلاته بهم، وما ذاك إلا بأرواحهم. ولعلهم تشكلوا له بصورهم في الدنيا، حيث رأى نبي اللهِ يوسفَ، وقد أُعطي شطر الحسن، ومثله المراجعة الواقعة بينه وبين موسى عليه السلام، وما ذاك التخاطب إلا بالأرواح، وإلا فمن المعلوم أن الأنبياء كلهم قد ماتوا، ودفنوا بالأرض، ما عدا عيسى عليه الصلاة والسلام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - البراهين والبينات في تحقيق البعث بعد الوفاة / " النوم أخو الموت، واليقظة منه بمثابة البعث بعد الوفاة " - المجلد (1)