إقامة الصحابة بسبب تراكم الثلوج لا يقطع قصرهم

ما حكاه ابن عمر من إقامة الصحابة بأذربيجان أربعة أشهر، يقصرون الصلاة، وقد حال الثلج بينهم وبين القفول. وذلك أن الصحابة غزوا بلدان فارس وهم غرباء بها. ومن طبيعة الثلوج أنها تنزل بالليل وتتراكم حتى تكون بمثابة الجبال كما أن الناس يشاهدونها في كثير من البلدان، إلى حالة أنها تدفن السيارات. فالصحابة رضوان الله عليهم وقعوا في مأزق من هذا الثلج الذي حال بينهم وبين القفول، لكونه سد عليهم فم الشعب، فهم بوجوده لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، مع العلم أن الخيام مضروبة فوق رؤوسهم، وأن عصا التسيار بأيديهم، وأن رواحلهم معقولة عندهم ينتظرون الفرج للخروج، وفي كل يوم يقولون: ستذوب الثلوج. فلا ينبغي أن يقاس على هؤلاء ما ليس مثلهم، فإنه لو سألنا سائل عن أمثال هؤلاء من القوم الغزاة، بحيث نزلوا يحاصرون بلدًا لفتحها - كالمجاهدين في سبيل الله - وقد أقاموا في حصار البلد شهرين أو ثلاثة أو ستة أشهر أو أكثر، فإننا نقول بجواز قصرهم للصلاة، وفطرهم. ومثله: لو حاصر العدو بلد المسلمين، وقابلوه لقتاله، فإنه يجوز لهم أن يصلوا صلاة الخوف، بكل طائفة ركعتين، كقصر السفر، كما يجوز لهم أن يفطروا رمضان وهم في بلدهم، لتقويتهم على القتال.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " أحكام قصر الصلاة في السفر " || المجلد (2)