لم يوجب الرسول ﷺ على أمته قبول أي شاهد يشهد برؤيته

لم يوجب الرسول ﷺ على أمته قبول أي شاهد يشهد برؤيته، وإنما أحالهم إلى حقيقة الرؤية، فقال: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا» . ولم يحلهم إلى قبول أي خبر يأتيهم من إحدى البلدان لا يعلمون صدقه من كذبه، مع كون الغالب على هذه الأقوال الكذب لقيام الدليل والبرهان على بطلانها من كون الناس كلهم لم يروه تلك الليلة ولا الليلة الثانية، ومن شرط صحة الشهادة كونها تنفك عما يكذبها، خصوصًا لمن يتصدى لإصدار الحكم إلى جميع المسلمين في تعميم الصوم والفطر، فإنه يجب أن يتقي ربّه فيما تولاه فلا يحمل الناس في حكمه وفتواه على صيام شيء من شعبان ولا فطر شيء من رمضان، مع العلم أن جميع الدنيا بأسرها قد صارت في انتشار أخبارها بمثابة المدينة الواحدة، وصارت أقاليمها بمثابة الغرف المتجاورة، بحيث ينتشر خبر الحكم في الهلال في الدنيا كلها في دقائق أو في ساعة، وهو أمر يوجب قوة العزم والأخذ بالحزم مما يرجى أن يوفق هذا القائد لجمع شمل كافة أهل الإسلام على عيد واحد كل عام، وما ذلك على الله بعزيز، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحُكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال " / كثرة اعتراض الوهم والتخيلات في رؤية الهلال || المجلد 2