لم يثبت عن السلف الخوض في اختلاف مطالع الهلال

فكما أنه لا يتغير (القمر) من بلد إلى بلد في حالة مطلعه واستهلاله، فكذلك لا يتغير في كل قطر عن حالة إبداره، فكل الدنيا تتفق على حالة الإبدار التي يعرفون بها هيجان البحر واضطرابه وانتفاخه في سائر الأقطار وذلك ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وقد زعموا أن هذا الاضطراب وهيجان البحر أنه من تأثره بالقمر، والله أعلم.ث ومما يؤكد هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لمّا اتسعت فتوحهم الإسلامية وامتد سلطانهم على الأقطار الأجنبية، وكانوا هم الملوك والأمراء في مشارق الأرض ومغاربها وفي ممالك كسرى وقيصر وغيرها، فكانوا يتراسلون ويتساءلون عما يلزم من الأحكام وأمور الصيام. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر أمراءه وعماله بأن يلقوه بموسم الحج بمكة كل عام فيسأل كل واحد منهم عن ولاية عمله وشؤون بلده. ومع هذا كله، فلم يثبت عنهم ولا عن أحد منهم الخوض في اختلاف مطالع الهلال، إذ لو كان له أصل لأكثروا فيه الكلام وبينوا للناس ما يترتب عليه من أحكام الصيام، كما أنه لم يثبت عن رسول الله ﷺ في موضوعه حديث واحد لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - اجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عام وبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكام / رفع النزاع الواقع في اختلاف المطالع - المجلد (2)