أول من اعتنى بالتحفظ على الشهادة هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

كان أول من اعتنى بالتحفظ على الشهادة والعقاب على ما دخل فيها من النقص والزيادة، هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة مشهورة حاصلها ما رواه البخاري في صحيحه، أن أبا موسى الأشعري استأذن على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يؤذن له فرجع وكان عمر مشغولاً، فلما أفاق من شغله قال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ - يعني أبا موسى الأشعري - قالوا: بلى. قال: ائذنوا له. فطلبوه فلم يجدوه، فأرسل في أثره من يرده إليه، ثم قال له: ما حملك على أن ترجع؟ قال: لأني سمعت رسول الله يقول: «إذا استأذن أحدكم على أخيه ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع»، فقال عمر: إني لم أسمع ذلك أبدًا، والله لتأتين بشاهد يشهد لك بذلك، أو لأوجعن ظهرك. فانطلق أبو موسى مذعورًا حتى وقف على ملأ من الأنصار فقال: أنشدكم بالله، هل أحد منكم سمع رسول الله يقول: «إذا استأذن أحدكم على أخيه ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع» قالوا: اللهم نعم سمعناه، فقال: ليشهد معي أحدكم عند عمر. فقالوا: يشهد معك أصغرنا، قم يا أبا سعيد الخدري فاشهد معه. فجاء أبو سعيد فشهد عند عمر فقال: صدقت، أشغلني عنها الصفق بالأسواق. فهذا من فنون سياسته في رعيته وتثبته في الشهادة بما لا يثق بصحته حتى لا يدخل الخلل على الدين بالنقص والزيادة من طريق الشهادة المزوّرة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - اجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عام وبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكام / الحكم في إثبات رمضان دخولاً وخروجًا - المجلد 2