قصة يونس ودعاؤه

ونظير هذا ما حكى الله عن نبيه يونس عليه السلام؛ وذلك أنه لما غاضبه قومه ولم يقبلوا هدى الله الذي جاء به خرج من البلد مغاضبًا فركب في سفينة، ثم إن السفينة أشرفت على الغرق فقذفوا في البحر جميع ما تحمله لتخف وترتفع فلم ترتفع، فاتفقوا على أن يعملوا قرعة فمن وقع عليه سهم القذف رموا به في البحر، فوقع سهـم الإلقاء على نبي الله يونس بن متى، فرموا به في البحر لكون الأنبياء أشد الناس بلاء في الدنيا، قال الله: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُدۡحَضِينَ ١٤١﴾ [الصافات:141]، أي الملقين ﴿فَٱلۡتَقَمَهُ ٱلۡحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٞ ١٤٢﴾ [الصافات: 142]. أي أن الله سبحانه قد لامه على شدة الغضب الذي خرج من البلد بسببه، وكان من واجبه أن يصبر نفسه على أذى قومه.. فعند ذلك دعا ربه وهو في ظلمات ثلاث: ظلمة البحر وظلمة الليل وظلمة بطن الحوت.. فكان من دعائه: ﴿لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٨٧﴾ [الأنبياء:87 ]. قال الله سبحانه: ﴿فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُ‍ۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٨٨﴾ [الأنبياء: 88]. ثم ذكر الله سبب هذا الإنجاء وأن سببه كثرة دعائه لربه في حالة الرخاء، فقال تعالى: ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ ١٤٣ لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٤٤﴾ [الصافات: 143-144]. وفي الحديث أن النبيﷺ قال: «دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا استجاب الله له: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - كتاب الصيام وفضل شهر رمضان / فصل في فضل الدعاء وتحقيق نفعه لدفع البلاء ورفعه - المجلد (2)