معنى إنزال القرآن في رمضان

معنى إنزال القرآن في شهر رمضان مع أنه من المعروف باليقين أن القرآن نزل منجمًا متفرقًا في خلال ثلاث وعشرين سنة زمن البعثة: أنه ابتدئ نزول القرآن في رمضان، لكون لفظ القرآن والإنزال يطلقان ويراد بهما هذا القرآن بجملته، ويطلقان ويراد بهما بعضه، كقوله: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ١ عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢﴾ [الرحمن: 1-2]. وإنما يتعلم الناس القرآن شيئًا بعد شيء، وهذا واضح جلي لا مجال للشك في مثله، وأن معنى ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ١ عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢﴾ [الرحمن: 1-2]. ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ١٨٥﴾: أي بدؤه وأوله. وفي تفسير المنار ما يدل على الجزم بهذا وعدم الالتفات إلى ما يخالفه. فقد قال: إن معنى ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾، أي ابتُدِئ نزوله في رمضان في ليلة القدر منه، وهي الليلة المباركة؛ لأن المعروف باليقين أن القرآن نزل منجمًا متفرقًا في مدة البعثة كلها، على أن لفظ القرآن يطلق ويراد به القرآن بجملته ويطلق ويراد به بعضه، كما في الآية. قال: وقد ظن بعض المفسرين أن الآية مشكلة ورووا في حل الإشكال أن القرآن نزل في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثم نزل على النبي ﷺ منجمًا بالتدريج، وظاهر قولهم هذا أنه لم ينزل على النبي ﷺ في رمضان، وهو خلاف ظاهر القرآن، إذ لا يقول سبحانه: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾ وهو في السماء ولم ينزل بعد! قال: وقد رووا على هـذا روايات في كون الكتب السماوية أنزلت في رمضان ، كما قالوا: إن الأمم السابقة كلفت صيام رمضان، وقال الأستاذ الإمام: ولم يصح من هذه الأقوال والروايات شيء وإنما هي حواش أضافوها لتعظيم رمضان.. انتهـى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - كتاب الصيام وفضل شهر رمضان / فصل في صفة نزول القرآن على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام - المجلد 2