القول بتوسعة الوقت للرمي هي من المصالح المرسلة الملائمة لمقاصد الشرع
وقد علمتم (أي علماء الرياض) - عفا الله عنكم - أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يجتهدون في النوازل، ويقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره، كما قال عمر: انظروا إلى حذوها من طريقكم. وأنه لو وقع عليهم هذا الزحام في هذا المقام على نحو هذه الصفة في هذا الزمان لنادوا له: الصلاة جامعة. ثم نظروا في أمرهم وتبادلوا رأيهم فيما يجمع لأمتهم بين القيام بواجب حجهم مع سلامة أرواحهم؛ لأنهم على دين مبني على جلب المصالح وتكثيرها ودرء المضار وتقليلها، ومن قواعد الفقه الإسلامي الذي عبوا منه ونهلوا: أنه إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير، وقد اجتهدوا زمن النبي ﷺ وعرضوا رأيهم على رأيه في الشيء الذي لم يقله عن وحي من ربه، واجتهدوا بعده في كثير من القضايا المشتهرة التي لم يرد نص صحيح عن النبي ﷺ بما صنعوا منها، لكنهم رأوها مصلحة تناسب تصرفات الشارع الحكيم؛ لأن ذلك كله راجع إلى حفظ الشريعة ومنع الذريعة، والشارع الحكيم قد منع الذرائع المفضية إلى المفاسد، فالقول بتوسعة الوقت للرمي هي من المصالح المرسلة الملائمة لمقاصد الشرع، بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله ولا دليلاً من دلائله، ومتى عرضت حكمتها على العقول تلقتها بالقبول، كيف وقد احتف بها أصل من المنقول.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الرسالة الموجهة إلى علماء الرياض / إلى حضرة علماء الرياض الكرام، حفظهم الله بالإسلام - المجلد (2)