تحديد زمن الرمي أفضي إلى الضيق والحرج على الأمة

إن التحديد بهذا الزمن القصير (الرمي ما بين الزوال إلى الغروب) قد أفضى بالناس إلى الحرج والضيق حتى شغلتهم شدة الزحام عن الذكر والتكبير وعن الدعاء والتضرع عند هذا المقام، بل وعن العلم بوقوع الجمار في موقعها المشروع من الأحواض، وهذا الزحام من المحتمل أن يزداد عامًا بعد عام، متى كان التحديد على هذه الحال، وذلك لعوامل تساعد على ذلك لم تكن معروفة في السنين السابقة، فمنها فتح مشارق الأرض ومغاربها بالآلات الحديثة من الطائرات والسيارات وسائر الوسائل التي قضت بقصر المسافة وتسهيل السفر حتى صارت الدنيا كلها كمدينة واحدة، وكأن عواصمها بيوت متقاربة، وقد أشارت المعجزة إلى الإخبار بهذا الشيء قبل وقوعه، كما روى ابن أبي الدنيا عن مكحول مرسلاً، أن رجلاً قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن لها أشراط وتقـارب أسواق»، وفي البخـاري: «من أشراطها تقارب الزمان»، وليس من الممكن أن يفسر (تقارب الأسواق) بانضمام الأرض بعضها إلى بعض، ولكن بالآلات البرية والبحرية والهوائية وسائر الوسائل الناقلة للذوات والأصوات والتي كان الناس قبلها يقاسون الشدائد في الأسفار.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / اتفاق أئمة المذاهب على القول بالرمي أيام التشريق بعد الزوال - المجلد (2)