أكثر الناس يقصرون في الواجبات ويبالغون في المندوبات
إن أكثر الناس يكسلون عن النفقة فيما هو من واجبهم، وفي الأمر المرغب فيه في حقهم، فتراهم يكسلون عن أداء الزكاة الواجبة، وعن الصدقة على الأرحام، وعلى الفقراء والمضطرين، لكنهم ينشطون على النفقة في سبيل المآدب الواسعة، والولائم الإسرافية، وبعض الناس من رجال ونساء ينفقون أيضًا في سبيل حج التطوّع وهم قد حجوا، ثم حجوا، ثم حجوا. فيتركون العمل الواجب عليهم، والفاضل في حقهم، ويعدلون عنه إلى العمل المفضول والذي تركُه أفضل من فعله، أو العمل المحرم في نفسه.
وإنني أقول على سبيل النصيحة، رجاء أن تعيها أُذن واعية: إن هؤلاء الذين ينفقون هذه النفقات، إن الأفضل في حقهم هو صرف ما ينفقون إلى الفقراء والمضطرين، ومساعدة المنكوبين، وتأسيس الأعمال الخيرية، من بناء المساجد وإصلاح الطرق وبناء بيت لفقير أو رحم أو مساعدته على ذلك؛ لأن الصدقة على الفقراء والمضطرين لها وقع عظيم في مثل هذه الأيام الفاضلة، وخاصة عشر ذي الحجة، التي العمل فيها أفضل من العمل في غيرها.
وإن كان أحدهم مدينًا، وجب عليه أن يصرف نفقته إلى قضاء دَيْنه، ليعتق نفسه من ذل المطالبة بالدَّيْن، فإن الدَّيْن همّ بالليل وذل بالنهار، ولأن الدَّيْن واجب، والتطوّع بالحج مستحب، أو أنه مكروه في حقه، فلا يقدّم المستحب على الواجب، وقد قال بعض العلماء بعدم جواز حج من عليه دَيْن حتى يقضيه، أو يسترضي غريمه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / الصدقة على المضطرين أفضل من حج التطوع - المجلد (2)