اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم بسعي القدوم عن سعي الحج والعمرة

لما أكل رسول الله ﷺ من لحم هديه، وشرب من مرقه، دفع إلى مكة ومعه أصحابه، فطاف بها طواف الحج، ولم يثبت عنه أنه سعى، بل اكتفى بسعي القدوم عن الحج والعمرة؛ لكون القارن يكفيه سعي واحد عن الحج والعمرة، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، أن المتمتع يكفيه سعي واحد عن حجه وعمرته، كالقارن، إذ هما في الحكم سواء، وهذا معنى قول النبي ﷺ: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» إذ الدخول هو أن يُكتفَى بسعي أحدهما عن الآخر. وهذا هو ما فعله الصحابة الذين حلوا من إحرامهم بعد سعي العمرة، ثم طافوا مع النبي ﷺ طواف الإفاضة فلم يعيدوا السعي اكتفاء بسعي العمرة، فاكتفاء الرسول ﷺ بسعي واحد عن حجه وعمرته، هو أمر مسلَّم لا خلاف فيه، لكونه قارنًا، والصحابة الذين حلوا من إحرامهم بعد سعي العمرة لم يثبت تخلفهم عنه، لاستئناف سعي ثان لحجهم، وبذلك تظهر فائدة دخول العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وكونه يُكتفى بطواف أحدهما وسعيه عن الآخر.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / الاكتفاء بسعي واحد في حق القارن والمتمتع في الحج - المجلد (2)