أسباب كثرة الذبائح وبقاؤها مركومة بعضها فوق بعض

إن ما يستبشعه الناس في هذا الزمان، من كون ذبائح الأغنام وسائر الحيوان تبقى مركومة بعضها فوق بعض، فإن له أسبابًا توجبه: أحدها فمن كثرة الحجاج الذين لا يحصى عددهم، والذي لا يوجد لمثله نظير في سائر الأزمان، وكل شخص يعتقد أن عليه نسكًا يتمّم به حجه، وإن لم يكن واجبًا عليه بحكم الشرع، كالحاج المفرد الذي ليس بقارن، ولا متمتع، فإنه لا يجب عليه دم نسك. والأمر الثاني: حصر الذبح والذبائح في مكان مخصوص بمنى، ومحصور بالشبك، بحيث لا يسمح لأي شخص بأن يخرج منه ذبيحته حتى يذبحها ويسلخ عنها جلدها وفرثها ودمها. مع العلم أن مصرع الذبح مخاضته من الدم والفرث يشق الوقوف فيه، فضلا عن الجلوس والسلخ والتنظيف، يتطلب مدة لا تقل عن نصف ساعة أو قريب منها، لهذا صار الفضلاء وأكثر الناس يوكلون على ذبح نسكهم ولا يتمكنون من قبضها ولا الأكل منها إلا من قبيل الندور، فتبقى الذبائح بحالها، وأكثر الناس لا يتحصلون على اللحم في يوم العيد. فلو وزعت هذه الأغنام المذبوحة والمركومة على الناس، لما وسع الخمسين من الحاج ذبيحة واحدة، لقلة الذبائح بالنسبة إلى كثرة الحاج. ثم إنه لا يقدح في صحتها بقاؤها بحالها وعدم الانتفاع بها، إذ هي من القرابين التي تقرّب لرب العالمين.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / طرق التخفيف من سفك دماء المناسك بمنى - المجلد (2)