حكم من حاضت بعد إحرامها

فالمرأة التي ابتليت بخروج الحيض عند الإحرام، أو عند قرب دخولها مكة، فإنها تدخل العمرة على الحج، وتقول: لبيك عمرة وحجًّا، فتصير قارنة، ولا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل، ويكفيها لحجها وعمرتها طواف واحد، وسعي واحد، ولو بعد الوقوف ورمي الجمار. لكن إذا استمر الحيض عليها، وخافت من خروج الرفقة من مكة قبل أن تطهر، وقبل أن ينقطع عنها الدم، ولا يمكنها التخلف عنهم، فقد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، مثل هذه المرأة: بأن تغتسل،وتستثفر، ثم تطوف وتسعى، وتفعل بقية حجها، ويكفيها ذلك، ويعتبر حجها صحيحًا؛ لأنها حالة ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286]، ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16] أشبه عادم الطهورين، يصلي على حسب حاله، وكذا المرأة المبتلاة بجريان الدم بما يسمى: الاستحاضة. وكذلك الرجل المبتلى بسلس البول الدائم، فكل واحد من هؤلاء يصلي على حسب حاله، حتى ولو قطر الدم على الحصير، وكذلك طواف الحج، فإنه يطوف على حسب حاله؛ إذ الطهارة للصلاة آكدُ من الطهارة لطواف الحج. وإذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب التيسير، والنبي ﷺ قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وهذا هو الذي نعتقده، ونعتمد صحة الفتوى به.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / اجتناب محظورات الإحرام - المجلد (2)