مرور الطائرة فوق سماء الميقات لا يعد إتيانا للميقات والأرفق جعل جدة هي الميقات
النبي ﷺ قال في المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن» ومن المعلوم أن مرور الطائرة فوق سماء الميقات، وهي محلقة في السماء، لا يصدق على أهلها أنهم أتوا الميقات المحدد لهم، لا لغة، ولا عرفًا، لكون الإتيان هو الوصول إلى الشيء في محله، كقوله سبحانه: ﴿وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَا﴾ [البقرة: 189]. فإتيان البيوت هو: الوصول إليها أو دخولها، فلا يأثم من جاوزها في الطائرة، ولا يتعلق به دم عن المخالفة، كما أنه لن يتمكن ركاب الطائرات من الإحرام في بطن الطائرة بين السماء والأرض، لكونهم مشغولين بالاضطراب والخوف من خطر الطائرة خشية وقوع الحادث بها، ولن يزالوا في خوف حتى يصلوا إلى ساحل السلامة.
فمتى كان الأمر بهذه الصفة، وأن القضية هي موضع اجتهاد، وتتطلب من العلماء والحكام تحقيق النظر في تعيين الميقات لهؤلاء القادمين على متون الطائرات لحجهم وعمرتهم، ولا أوفق ولا أرفق من جعل جدة هي الميقات، إذ هي باب الدخول إلى مكة من جهة البحر، فتكون ميقاتًا لجميع القادمين إليها على الطائرات أو البواخر والسفن ليتمكن الحاج من فعل ما يسن في الإحرام، أشبه ما فعله عمر حين وَقّتَ لأهل العراق ذات عرق، ويجب على جميع الكافة طاعتهم، ومتابعتهـم على هذا التوقيت، لقوله سبحانه: ﴿أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾ [النساء: 59]. فأولو الأمر هم: العلماء والحكام الذين تجب طاعتهم في مثل هذا، إذ هو من طاعة الله سبحانه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / جواز جعل جدة ميقاتًا لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية - المجلد (2)