حكم الحج عن الغير

الحج عن الغير: ثبت فيه أحاديث تدل على جواز حج الأولاد عن آبائهم. فمنها: في الصحيحين، عن ابن عباس: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم، حجي عنه» متفق عليه. ولهما: من حديث سعد بن عبادة أنه قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم. تصدق عن أُمك». وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن عمرو بن العاص سأل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إن أبي أوصى أن يعتق عنه بمائة رقبة، وإن هشامًا أعتق عنه خمسين، وبقيت عليه خمسون. أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله ﷺ: «إنه لو كان مسلمًا فأعتقت عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه، بلغه ذلك ونفعه» رواه أحمد وأبو داود والبيهقي. وعن ابن عباس: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نعم، حجي عنها. أرأيت لو كان على أُمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء». رواه البخاري. ولمسلم وأبي داود والترمذي عن بريدة، قال: كنت جالسًا عند النبي ﷺ فجاءت امرأة، فقالت: يا رسول الله. إني تصدقت على أُمي بجارية، وإن أمي ماتت. فقال: «وجب أجرك على الله، وردها إليك الميراث» قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ فقال: «نعم، صومي عنها». قالت: يا رسول الله، إنها لم تحج، أفأحج عنها؟ فقال: «نعم. حجي عنها». وفي البخاري ومسلم عن عائشة، أن النبي ﷺ قال: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه». فهذه النصوص هي التي استمد منها الفقهاء جواز إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى، وكلها وقعت سؤالاً من الأولاد عن واجبات آبائهم الواجبة بالشرع وبالنذر، فأفتاهم رسول الله ﷺ بجواز قضائها. وللأولاد مع الآباء حالة لا تشبه غيرها، لكون الولد بضعة من أبيه، كما في الحديث: أن النبي ﷺ قال: «فاطمة بضعة مني» ولهذا تجعل أفراط المؤمن في كفة ميزانه. وفي الحديث: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / حكم الحج عن الغير - المجلد (2)