بعض الأحداث التي وقعت بعد إحرامه صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع
سار رسول الله ﷺ في طريقه حتى لقي ركبًا بالروحاء، فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون. قالوا: من أنت؟ قال: «أنا رسول الله» فرفعت امرأة إليه صبيًّا، فقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر» فدل هذا الحديث: على استحباب إحرام الصبي للحج، بحيث يحرم عنه وليه، ويطوف به ويسعى به ويرمي عنه ويفدي له، إن كان إحرامه بالتمتع، وأن إحرامه له هو من باب الاستحباب لا الوجوب، وإنما شرع للتمرين على العبادة، لكن هذا الحج لا يجزيه عن حجة الإسلام.
ثم سار النبي ﷺ في طريقه فجاءت امرأة من خثعم، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم حجي عنه». فدل هذا الحديث على جواز حج المرأة عن الرجل، وأن المرأة يجوز لها أن تحج عن أبيها وعن أُمها، كما يجوز للرجل أن يحج عن أبيه وعن أمه، إذا حج عن نفسه.
وسألته امرأة فقالت: يا رسول الله إن أُمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ فقال: «نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء». فدل هذا الحديث على أن من نذر فعل طاعة من الطاعات، كمن نذر أن يحج، أو نذر أن يصوم عشرة أيام، أو أن يتصدق بكذا وكذا، فإن هذا النذر نذر طاعة، قد أوجبه على نفسه فلزمه الوفاء به.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - أحكام منسك حج بيت الله الحرام / صفة الإحرام بالحج - المجلد (2)