التعليق على قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ ٨﴾
قال (تعالى): ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ ٨﴾ قال أنس: ما خطبنا رسول الله ﷺ إلا قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له» . وجاء رجل من أهل العالية، وقال يا رسول الله: «أخبرني بأشد شيء في هذا الدين؟ فقال: يا أخا العالية: الأمانة» .
والأمانة تارة تكون بين العباد فيما يتعاملون فيه من التبايع والودائع والكيل والوزن وأداء الحقوق إلى ربها، وكل الوظائف الحكومية هي من الأمانات لدى الـمتولين لها، بحيث يسأل كل واحد منهم عن ولاية عمله، وعن حفظه لأمانته، والله لا يصلح كيد الخائنين، فمن الواجب أن تحاط وتحفظ بالأمانة، وأن تذاد أيدي العدوان عن اختلاس شيء منها، فقد قال النبي ﷺ: «من وليناه على عمل فكتمنا منه مخيطًا فما فوقه، فإنه غلول» ﴿وَمَن يَغۡلُلۡ يَأۡتِ بِمَا غَلَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾ [آلعمران: 161]. ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا﴾ [النساء: 58]. وتارة تكون الأمانة بين العبد وبين ربه، فالوضوء أمانة، والغسل من الجنابة أمانة، والصلاة أمانة، والزكاة أمانة، والصيام أمانة، وكذا سائر الحقوق والحدود، فمن حافظ على أداء أمانته، أثابه الله الجنة على حسن عمله، ومن بخس أو نقص، عوقب بما عمل.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 2 " / 72 تفسير قوله سبحانه: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١﴾ - المجلد 7