ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى
وليعلم الكل علم اليقين: أن الله خلق الدنيا فجعلها منحة لأقوام، ومحنة على آخرين؛ لأن كسب الـمال من حله ثم الجود بأداء واجب حقه، يعد من مفاخر الدنيا، وإنه لنعم الذخر للأخرى، فقد ذهب أهل الدثور بالأجور، والدرجات العلى. فإنفاق الـمال في سبيل الصدقات، وسائر وجوه الخيرات، هو منجاة من الفقر، وتجارة رابحة في الأجر، وهو من أسباب الوفر والإكثار فما نقصت الصدقة مالاً بل تزيده ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾ [سبأ: 39]. فلو جربتم لعرفتم، فقد قيل: من ذاق عرف، ومن حُرم انحرف، «وما طلعت شمس يوم إلا وملكان يناديان يا أيها الناس هلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى. اللهم أعط منفقًا خلفًا، وأعط ممسكًا تلفًا» . وفي الأثر: «إن الله يقول: ابن آدم أنفق أنفق عليك» . وقال النبي ﷺ لأسماء بنت أبي بكر «أعطي ولا توكي فيوكي الله عليك» ، يقول الله: ﴿وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ﴾ [الحديد: 7].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 2 " / 56 فضل الصّدَقة والنفقة في وجوه البّر والخَير - المجلد 7