المقارنة بين عدد الحجاج في السابق والحاضر
إن الحاج زمن النبي ﷺ وزمن الخلفاء وفي كل السنين السابقة يكونون قليلين، فلا يحج من أهل البلدان البعيدة أحد، ولا يحج من أهل البلدان القريبة إلا النادر.
أما الآن، وفي هذا الزمان، فقد قصرت الـمسافات، وسهلت الـمواصلات بوسائل الـمراكب الهوائية، والبرية، ودكت عقبات التعويق، وقطع دابر قطاع الطريق، وشمل الناس الأمن الـمستتب في أنحاء الحرم، وسائر السبل الـمفضية إليه. فمن أجله توافد الناس إلى الحج من كل فج، فأقبلوا إليه يجأرون، وفي كل زمان يزيدون، فعظم الخطب، واشتد الزحام، وصار الناس بعد انصرافهم من عرفة يسيرون مقسورين غير مختارين، يتحكم فيهم قائد السيارة، وشرطة نظام الـمرور، بحيث يمنعون السائق من الوقوف والانصراف عن طريقه، لكون أرض مزدلفة مملوءة بالناس والسيارات، وربما تمادى بهم سيرهم حتى يصلوا إلى الـمسجد الحرام، فيطوفوا طواف الإفاضة وهم قد مروا بمزدلفة لكنهم لم يقفوا ولم ينزلوا بها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (45) فقه أحكام منسك حَجّ بَيت الله الحرام | الحُكم في نزول مزدلفة والدّفع منها - المجلد (7)