قد خص الله بالتفضيل شهر رمضان

(إن) الله سبحانه يختص برحمته من يشاء، فيفضل إنسانًا على إنسان، ومكانًا على مكان، وزمانًا على زمان، وقد خص الله بالتفضيل شهر رمضان حيث أنزل فيه القرآن، وأوجب فيه على الـمؤمنين الصيام، وجعله شهر جد واجتهاد، ومزرعة العباد، وتطهيرًا للقلوب من الفساد، وقمعًا لشهوة الشره والعناد، فمن زرع فيه خيرًا حمد عاقبة أمره وقت الحصاد. شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. وقد قوضت الآن منه الخيام، وتقلصت منه الليالي والأيام، وإنه لنعم الشاهد بما عملتموه، والحافظ لما أودعتموه، إنه لأعمالكم بمثابة الخزائن الـمحصونة، والصناديق الـمصونة، وستدعون يوم القيامة لفتحها، يوم تجد كل نفس ما لها وما عليها، والرب ينادي عليها: «يَا عِبَادِى إِنَّمَا هِىَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (38) الذكرى الرابعة في العشر الأخيرة من رمضان وبيان زكاة الفطر - المجلد (6)