من يسمع أوامر القرآن ولا يعمل بها كمن يقول: ﴿سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ﴾
إن الذي يستمع للخطبة ولا ينتفع بها، ولا يعمل بها؛ فإن مثله كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره كتبًا لا يدري ما فيها. وفي حديث ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً، من تكلم والإمام يخطب؛ فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا، ومن قال لصاحبه: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا، ومن لغا فلا جمعة له» إن من يستمع إلى الخطيب وهو يقول: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ﴾ [البقرة: 238]. وهو يتركها أو يسمعه يقول: ﴿وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [البقرة: 277]. وهو يأكلها، أو يسمعه يقول: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ﴾ [البقرة: 183]. وهو يأكل ويشرب في نهار رمضان، أو يسمع قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗ﴾ [آلعمران: 130]. وهو يرابي بكل ماله، ويرى أن الحلال ما حل بيده، أو يسمع الخطيب يقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠﴾ [الـمائدة: 90]. وهو يدمن على شربها صباحًا ومساءً إنه بمثابة من يقول: ﴿سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ﴾ [النساء: 46]. ومعلوم أن فائدة الاستماع الاتباع. وقد مدح الله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. ومتى كان يستمع هذه الـمواعظ من القرآن والسنة من الخطيب ولا يتبعها؛ فإن مثله كمثل الحمار الذي يحمل كتبًا فوق ظهره ﴿مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ﴾ [الجمعة: 5].
زوامل للأخبار لا علم عندهم
بمتقنها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا
بأوساقه أو راح ما في الغرائر
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 32 تفسير سُورة الجمعة - المجلد 6