يأجوج ومأجوج من أولاد آدم وليسوا بعالم غيبي آخر
(يقول عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي):
فإنه دل الكتاب والسنة دلالة بينة صريحة أن يأجوج ومأجوج من أولاد آدم، وأنهم ليسوا بعالم آخر غيبي كالجن، ونحوهم ممن حُجب الآدميون عن رؤيتهم، والإحساس في الدنيا بهم، بيان ذلك في القرآن من قصة ذي القرنين في قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا ٩٣ قَالُواْ يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا ٩٤﴾ [الكهف: 93-94]. إلى آخر الآيات، فمن فهم معنى هذه الآيات، وما ذكره أصناف المفسرين فيها، علم قطعًا أنهم كما ذكر الله في شكاية هؤلاء القوم الذين كثر إفسادهم لذي القرنين بالقتل والنهب والتخريب وأنواع الفساد، فطلبوا منه أن يجعل بينهم وبينهم سدًّا، يمنعهم من الإفساد، والنفوذ إليهم، فأجاب ذو القرنين طلبتهم، طاعة لله وإحسانًا على هؤلاء المظلومين، فجعل بينهم وبينهم ردمًا، ومعلوم أنهم آدميون محسوسون، قد تناولوهم بأنواع الأذى. فلو كانوا جنسًا آخر كالجن ونحوهم، ممن حُجبوا عن الأبصار، لم يتمكنوا من الأذية لبني آدم إلى هذا الحد، ولم يطلب هؤلاء القوم من ذي القرنين ما لا قدرة له عليه، ولم يمنعهم من الأذية سد ولا ردم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / الحديث عن يأجوج ومأجوج [ فقرات من كلام الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله ] - المجلد 1