من أعرض عن عبادة ربه، ونسي أمر آخرته، فإن له معيشة ضنكا
الـمعيشة الضنك، يُبتلَى بها كل من أعرض عن عبادة ربه، ونسي أمر آخرته، حتى ولو كان عنده ما عنده من العقارات الثمينة، والتجارات العظيمة، والنقود الـمودعة في البنوك، فإنه يُبتلَى بهذه الـمعيشة الضنك كأنه فقير ذاتٍ، فقير حياة، فقير من الحسنات، فهو لا يؤجر على فقره، فلا تغتروا بما ترونه من حسن بِزَّتِه، وجمال ثيابه. فإن الأنكاد والأكدار والشرور والأضرار محيطة به من جميع جهاته، فتنكد عليه حياته، وتكدر صفو لذاته.
خُلِقوا وما خُلِقوا لـمَكْرُمة
فكأنهم خُلِقوا وما خُلِقوا
ورُزِقوا وما رُزِقوا سماح يد
فكأنهم رُزِقوا وما رُزِقوا
ولو سألت عمن هذا صفته لوجدتهم كثيرين في شتى البلدان، من التجار الـمكثرين، الذين غمرهم الله بنعمته، وفضَّلهم بالغنى على كثير من خلقه ثم يجمد قلب أحدهم على حب ماله، وتنقبض يده عن أداء زكاته وعن الصدقة منه، والصلة لأقاربه، والنفقة في وجوه البر والخير، الذي خُلِقَ لأجله. أتاه شيطانه فخوَّفه، روعة زمانه وقلة ماله، فغَلَّ يده، ومنع ما عنده. ولم يزل ذلك دأبه حتى يخرج من الدنيا مذؤومًا مدحورًا، لا خيرًا قدمه، ولا إثمًا سلم منه، فيندم حين لا ينفعه الندم ﴿يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي ٢٤ فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٥ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٦﴾ [الفجر: 24-26].
وكم من مالك مالاً كثيرًا
ولكن حظه منه قليل
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (20) الحياة الطيّبَة وكونها لا تُدرَك إلا بالأعمال الصّالحة - المجلد (6)