الحقوق العشرة هي الغاية في الاتصاف بمكارم الأخلاق
إن هذه هي الحقوق العشرة (التي ذكر الله في قوله: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ...﴾) وهي الغاية في الاتصاف بمكارم الأخلاق. فمن وفقه الله لفعلها فليعلم أنها توفيق من الله له وهداية سيقت إليه، فمن واجبه أن يحافظ على إحسانه بكتمانه، ولا يحبط ثواب عمله بامتنانه؛ فإن الامتنان يبطل ثواب الإحسان، بحيث يقول: فعلت وفعلت. يقول الله سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ﴾ [البقرة: 264]. فالـمن هو أن يمتن عليه بها، والأذى هو أن يكثر من ذكرها في الـمجالس، مما يدل على الدناءة وعدم الكرم. وقد جعلوا الامتنان بالإحسان بمثابة الهدم للبنيان، وأنشدوا:
يرب الذي يأتي من الخير إنه
إذا فعل الـمعروف زاد وتمما
وليس كبان حين تم بناؤه
تتبعه بالنقض حتى تهدما
ولهذا قالوا: يحتاج الإحسان إلى ثلاثة: تعجيله، وتصغيره، وستره؛ أي: بعدم ذكره، كما قيل:
إذا الجود لم يرزق خلاصًا من الأذى
فلا الحمد مكسوبًا ولا الـمال باقيًا
ثم ختمها بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا﴾ [النساء: 36]. أي مختالاً في مِشْيَته، فخورًا على رَحِمِه وعلى الناس بصدقته، متكبرًا على اليتامى والجيران والـمساكين، متكبرًا على أهله وزوجته.
فانتبهوا من غفلتكم، وتوبوا من زللكم، وتزودوا من دنياكم لآخرتكم، ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 19 آية الحُقوق العشرَة المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشرِكُواْ بِهِۦ شَيْئًا ﴾ - المجلد 6