التعليق على قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾
معنى قوله: ﴿هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ﴾ أي اصطفاكم وجعلكم من خيار الناس، ومن أنفع الناس للناس ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾ [آلعمران: 110]. فمتى زالت هذه الصفات الجليلة، فقد زالت عنهم الخيرية.
ثم قال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ [الحج: 78]. فنفى سبحانه وقوع الحرج في الدين، لأن شرائع الإسلام كلها سهلة سمحة ميسرة، كما في البخاري عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي ﷺ عن الصلاة فقال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». ولما رأى النبي ﷺ رجلاً يصلي وقد رفع له وسادة يسجد عليها فرمى بها، وقال: «صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إنْ اسْتَطَعْت، وَإِلَّا فَأَوْمِ إيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِك» فما من شيء من العبادات يشق مشقة زائدة على الـمعتاد إلا كان لها بدل من التيسير حاضر عتيد؛ لأن الشرائع منزلة على جلب الـمصالح، ودرء الـمضار.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 17 تفسير قوله تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ﴾ [الحج: 77] - المجلد 6