جواب محمد رشيد رضا على سؤال عن المهدي

سؤال: إلى صاحب المنار محمد رشيد رضا. إنه من المشهور بين الكافة من أهل الإسلام، على ممر الأعصار أنه لابد من ظهور رجل يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويسمى المهدي، فرأيت أن أكتب لجنابكم لكي تتكرموا علينا بالإفادة ولكم الأجر. الجواب: وردت أحاديث في المهدي، منها ما حكموا بقوة إسناده، ولكن ابن خلدون عني بإعلالها وتضعيفها كلها. ومن استقصى ما ورد في المهدي المنتظر من الأخبار والآثار، وعرف مواردها ومصادرها، يرى أنها كلها منقولة عن الشيعة، وذلك أنه لما استبد بنو أمية بأمر المسلمين، وظلموا وجاروا، وخرجوا بالحكومة الإسلامية عن وضعها الذي يهدي إليه القرآن، وعليه استقام الخلفاء الراشدون، وهو المشاورة في الأمر، وفصل الأمور برأي أهل الحل والعقد من الأمة، حتى قال على المنبر من يعد من خيارهم، وهو عبد الملك بن مروان: من قال لي: اتق الله؛ ضربت عنقه! لما كان هذا؛ كان أشد الناس تألمًا له وغيرة على المسلمين آل النبي عليه وعليهم السلام، فكانوا يرون أنهم أولى بالأمر وأحق بإقامة العدل، فكان من تشيع لهم يؤلفون لهم عصبية دينية يقنعونها بأن سيقوم منهم قائم مبشر به يقوم بالعدل، ويؤيد الدين، ويزيل ما أحدث بنو مروان من الاستبداد والظلم، وعن هذا الاعتقاد صدرت تلك الروايات. والناظر في مجموعها يظهر له أنهم ينتظرون ذلك في القرن الثاني ثم في الثالث، وكانوا يعينون أشخاصًا من خيار آل البيت يرجحون أن يكون كل منهم القائم المنتظر فلم يكن، وكان بعضهم يسأل من يعتقد أنه صاحب هذا الأمر فيجيبه ذلك بأجوبة مبهمة، ومنهم من كان يتنصل ويقول: إن الموعد ما جاء ولكنه اقترب، ومنهم من كان يضرب له أجلاً محدودًا، ولكن مرت السنون والقرون ولم يكن ما توقعوا أن سيكون.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / رأي محمد رشيد رضا في المهدي المنتظر - المجلد (1)