المهدية في العصر الحديث

في العصور الحديثة لعبت فكرة المهدي دورًا خطيرًا لا يقل شأنه عن العصور القديمة. ففي نهاية القرن الثاني عشر الهجري، خرج شيعي من مواليد الأحساء اسمه الشيخ أحمد الأحسائي سنة ست وستين ومائة وألف هجري، واشتهر بتبشيره بظهور المهدي، وله آراء باطنية وفلسفية تحوم حول تغيير نظام دين الإسلام وشريعته، ويدعي أن لديه علمًا لدنيًّا تلقاه عن آل البيت، وينشر دعوة سرية وينظم حركتها، ثم اقتفى أثره خليفته من بعده على نشر دعوته، وهو: كاظم الرشتي، ولم يزل متنقلاً داعيًا إلى أن توفي بجدة من أرض الحجاز سنة 1242هـ. فهو أول من أسس نحلة البهائية، ثم قام علي محمد بعد وفاة الرشتي سنة 1260هـ مدعيًا أنه نائب عن الإمام المنتظر، وأنه بابه الذي يفتح به ظهور الإمام، فسموا البابية من أجله، وهم فرع من البهائية. ثم أظهر أنه الإمام المنتظر المهدي، فقام بثورة وأخذ يظهـر للناس فنونًا من الكفر، وأن شريعته تنسخ شريعة القرآن، وأنها قد أنهت دور الشريعة المحمدية، فلا صلاة ولا صيام، ويعمد إلى النصوص القرآنية فيتأولها تأويلات الباطنية، فيقلب حقائقها، ويصرفها عن المعنى المراد منها، وأنكر عليه علماء فارس ما ادعاه وحاكموه، فحكمت عليه محكمة تبريز بقتله على ردته هو وأعوانه. ثم ظهرت بدعة المهدي في الهند على يد رجل يدعى ميرزا غلام أحمد القادياني من سكنة قاديان بالهند، ونسبت طائفة القاديانية إليها، وتفرعت عنها الأحمدية. وقد زعم مؤسسها ميرزا غلام أحمد بأنه المسيح المنتظر، فقام في وجهه علماء الشريعة بالهند، فأنكروا عليه أشد الإنكار وكادوا يقتلونه، لأنه كان يتقي بالنصارى، فهم يحمونه ويحاربون دونه. وانتقل غلام أحمد إلى دلهي، يدعو إلى نحلته، ويدعي الوحي والنبوة والرسالة ويقول: إن كل من لم يصدق بنبوّتي فهو كافر!! ويقول: إن سائر الأمم من اليهود والنصارى والمجوس الذين كذبوا نبوة محمد سيؤمنون برسالتي!! وفي الحقيقة أن كلتا الطائفتين: البهائية والقاديانبة قد ابتعدتا عن الإسلام تمام الابتعاد. نسأل الله سبحانه أن يسلك في قلوب عباده المؤمنين نور اليقين والثبات على الدين، وأن يحفظهم من فتنة الضالين بما يحفظ به عباده الصالحين. وإني أرجو بعد دراستهم لهذه الرسالة أن ينتبهوا ويتناصحوا، فيغسلوا قلوبهم من اعتقاد هذه الخرافة التي ستضرهم وتضر أبناءهم ومجتمعهم من بعدهم، والله خليفتي عليكم، وأستودع الله دينكم وأمانتكم وستذكرون ما أقول لكم.. ﴿فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ ٤٤﴾ [المؤمن: 44].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / تعدّد أحداث من يدّعي أنه المهدي - المجلد (1)