فكرة المهدي والفتنة به لها أسباب سياسية واجتماعية

إن فكرة المهدي والفتنة به لها أسباب سياسية واجتماعية، وغالبها مقتبس من عقائد الشيعة وأحاديثهم، فسرى اعتقادها إلى أهل السنة بطريق العدوى والتقليد الأعمى. فبعد خروج الخلافة من أهل البيت تصدى أقوام من المتحمسين لهم فعملوا عملهم في صناعة الأحاديث التي غزوا بها أفكار الجمهور، يروونها عن رسول الله ﷺ، وأحكموا أسانيدها عن أكثر الموتى وأخرجوها بطرق مختلفة، وأسانيد مضطربة ومتعارضة، فصدق بها بعض علماء الإسلام، وضعفة العلوم والأفهام، وصار لها الأثر السيئ في تضليل عقول الناس، وإفساد عقائدهم، وخضوعهم للخرافات والأوهام. وعلى أثر اعتقادها والتصديق بها، تتابعت الحركات والثورات المشحونة بسفك الدماء، ففي كل عصر يخرج من يدعي أنه المهدي، وناهيك بالمغرب وكثرة من يخرج فيه من المدعين للمهدية، ويلتف حوله أتباعه من الهمج السذج والغوغاء الذين هم عون الظالم ويد الغاشم في كل زمان ومكان. ففكرة المهدي وسيرته وصفته لا تتفق مع سيرة رسول الله ﷺ وسنته بحال، فقد أثبتت التآريخ الصحيحة حياة رسول الله من بداية مولده إلى حين وفاته، كما أثبتها القرآن وليس فيها شيء من ذكر المهدي، كما لا يوجد في القرآن شيء من ذلك فكيف يسوغ لمسلم أن يصدق به والقرائن والشواهد تكذبه؟ وما هذا التهالك في محبته والدعوة إلى الإيمان به، وهو رجل من بني آدم ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به؟!
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / المقارنة بين أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين - المجلد (1)