لو كان ما قبل الزوال وقت نهي غير قابل للرمي لبينه النبي صلى الله عليه وسلم

فالقائل بوجوب تحديد الرمي بالزوال استنادًا إلى فعل النبي ﷺ واستدلالاً بقوله: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» يلزمه أن يقول بوجوب تحديد طواف الإفاضة بيوم النحر كما وجد من قال به، على أن الإفاضة ركن الحج الذي يجب أن يحتاط له، أما رمي الجمار في اليومين الأخيرين فإنه واجب يفعل غالبًا بعد التحلل الثاني من عمل الحج، فناسب التسهيل في عدم التشديد في التحديد. ويدل لذلك ما روى البخاري أن النبي ﷺ وقف يوم النحر على راحلته فجعلوا يسألونه فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج»، حتى سأله رجل فقال: يا رسول الله رميت بعد ما أمسيت. فقال: «افعل ولا حرج». رواه البخاري من حديث ابن عباس ومعلوم أن الليل يدخل في مسمى الـمساء. فنفي النبي ﷺ الحرج عن كل ما يفعله الحاج من تقديم أو تأخير بدون استثناء شيء من ذلك، فلو كان ما قبل الزوال وقت نهي غير قابل للرمي لبينه النبي ﷺ في مقامه هذا ولحذرهم منه كما حذرهم عن الوقوف ببطن عرنة، وعن الصلاة في أوقات معينة وأماكن مبينة، إذ لا يجوز في الشرع تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، ومع عدمه فلا يجوز لنا أن نسميه نهيًا بدون أن ينهى عنه رسول الله ﷺ وما كان ربك نسيًّا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل السادس عشر - المجلد (5)